ملتقى رجال الأعمال الفلسطيني
Forum Businessmen Palestinian
الرئيسية أخبار إقتصادية

هل تنجح التنمية البشرية المستدامة في بلادنا؟

تم النشربتاريخ : 2013-10-24

  الكاتب الدكتور عقل أبو قرع

في مؤتمر نظمتة "مؤسسة التعاون" الفلسطينية قبل عدة ايام، بمناسبة مرور ثلاثين عاما على تأسيسها، كان محور التنمية البشرية وخاصة التنمية المستدامة، اي التي تدوم بزوال الدعم، من اهم المحاور التي تم نقاشها، وكذلك من اهم القطاعات التي تم الاستثمار فيها من قبل المؤسسة، وبالاخص في مجالات التعليم والثقافة والابداع، حيث تم استثمار حوالي 250 مليون دولار امريكي في هذه المجالات خلال عمر مؤسسة التعاون، والتي تساوي حوالي 50% من الاستثمار الكلي للمؤسسة.

ورغم هذا الاستثمار الكبير والهام، الا ان السؤال الاهم والاكبر والذي يدور في تفكير كل شاب فلسطيني خاصة حين يدخل التعليم العالي الفلسطيني، هو هل ما سوف يكتسبة خلال سنوات التعليم سوف يؤهلة من خلال المهارات التي من المفترض اكتسابها، للحصول على عمل، او على وظيفة تتماشى مع واقع العمل الفلسطيني، او متطلبات سوق العمل في بلادنا؟

ورغم ان هذا المحور كان من ضمن النقاش في جلسة خاصة، شارك فيها رؤساء جامعات فلسطينية، عامة وحكومية، الا انة لم يكن واضحا وبشكل عملي ان ما تقوم بة الجامعات من تعليم وتثقيف وتنوير وبناء، يتماشى مع متطلبات سوق العمل في مجتمعنا، والذي من المفترض ان يكون من اهم ادوار التعليم العالي وخاصة غي ظل واقع مثل الواقع في بلادنا، كما اشارات الى ذلك ممثلة منظمة العمل الدولية، وكان ما تم عرضة من قبل المتحدثين حول دور الجامعة او التعليم العالي، من دور تثقيفي، تنويري، او بناء سلوكيات، او التعليم من اجل التعلم فيما بعد، بعيدا عن واقع ما يفكر بة الالاف من الطلبة حين يلتحقون بالجامعات كل عام، والذين جل املهم هو اكتساب مهارات محددة تؤهلهم لتعبئة شاغر ما يحتاجة المجتمع الفلسطيني او للحصول على عمل يتماشى مع متطلبات سوق العمل الفلسطيني.

وكل عام او كل فصل تقوم الجامعات والمعاهد الفلسطينية المختلفة بتخريج دفعات جديدة، ومن حملة الشهادات المتنوعة، وفي تخصصات متعددة، ويتم زج هؤلاء الخريجين كما تم في الماضي، بعشرات الالاف الى سوق العمل الفلسطينية، تلك السوق المحدودة والمقيدة والتي من السهل معرفة نوعية ما تحتاج وكم تحتاج من هؤلاء الخريجون، وبعد فترة ليست بالطويلة يكتشف الباحثون عن عمل وكما اكتشف الالا ف من قبلهم، ان سوق العمل في واد، واهداف الجامعات ومراكز التعليم العالي في واد اخر.

والجامعات الفلسطينية بمستوى شهاداتها المختلفة، من بكالوريوس وماجستير، وبالتخصصات المتعددة، والمكررة في معظم الجامعات الفلسطينية، هي الملامة عن هكذا وضع، فضعف التخطيط والارشاد وعدم التركيز كاولوية على النوعية او على مصلحة الطالب الذي سوف يصبح خريج، تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية، فالوضع الحالي للجامعات والتي تتسع باستمرار للمزيد من الالاف من الطلبة الجدد، وبالتالي الخريجين الجدد، اصبح يهدف وبالاساس لاستقطاب المزيد من الدخل الذي يصاحب الازدياد في اعداد الطلبة، وتم تناسي ان نسبة البطالة عند خريجي العديد من التخصصات تصل الى حوالي 80%، وان هذه النسبة تزداد مع الزمن.

والجهات الرسمية، من وزارات التعليم العالي والعمل والاقتصاد والتخطيط وغيرهما تتحمل كذلك جزءا من المسؤولية، لان في المحصلة هي المسؤولة عن المواطن الفلسطيني، وفي هذه الحالة الخريج الفلسطيني او حامل الشهادة، وبالتالي عدم بلوررة خطة متكاملة من قبل التعليم العالي، تحد من التخصصات المكررة في الجامعات والتي اصبحت جدواها السوقية او الاقتصادية في الحضيض، وبالتالي لماذ لا يتم تشكيل جسم فاعل من كل هذه الهيئات والجامعات لايقاف تنامي معضلة تكبر كل عام وتؤثر ليس فقط على الخريجيين ولكن على كل البيئة المحيطة بهم.

والقطاع الخاص، ومع التسليم ان هدفة الاساسي هو الربح، لكنة مسؤول عن عدم تقديم الاحتياجات النوعية والكمية وباسلوب علمي، وتعديل ذلك حسب سوق العمل والظروف العديدة المتغيرة من حولنا، وبالتالي بناء علاقات متواصلة بينة وبين مؤسسات التعليم العالي، الذي من المفترض ان ترفدة بالكفاءات وبالابحاث وتساعد في تطورة، وبأن لا تبقى هذه العلاقة تعتمد فقط على نظرة الرعاية او التبرع او المساهمة من طرف واحد.
ومعضلة الشباب الباحث عن العمل تكبر كل عام او كل فصل، فالبطالة والمضاعفات الاجتماعية المتفاقمة، تغذي مشاكل الشباب الاخرى، وبالتالي تزيد من ضعف الاقتصاد والمجتمع والبلد، والهجرة الى الخارج واستثمار الاستثمار في الخريجين ليس في بلادنا هي خسارة، وتعني ان العائد على التعليم كان خسارة، وان البلد لم يسستفد مما كان ان يطمح ان يستفيد منه، ونتيجة عدم طرق المشكلة جذريا وموضوعيا وعلميا وعلى الصعيد الوطني، فان المشكلة تكبر وتعود القصة مرة اخرى ويتكرر الوضع، ويزداد تفاقما حتى يمكن ان يصل الى حافة الانفجار والضياع.

ورغم اهمية وحيوية الاستثمار في التنمية البشرية منة التعليم، ورغم دور الموارد البشرية في التنمية وبانواعها، الا ان الاستثمار من اجل الاستثمار او فقط من اجل التنمية، لن يكون مستدام اذا لم يتم استثمار هذا الاستثمار في افعال حقيقية في المجتمع، تصب في المحصلة في تنميتة، وتعمل كذلك على استدامتة من خلال تحقيق عائد ومتواصل بدون الحاجة الى الدعم من الخارج مرة اخرى.